يأتينا الحزن كما لايكون في أي منا لحظة يدركها اليأس وتمنحها النار.. الحزن هو مفتاح الانسان الذي يفتتح كل المساحات أمام تاريخ الالم والذاكرة.. في حالة الحزن كثير منا يكون في أجمل حالات الشفافية ونكون في أقرب النقاط الى ارواحنا..الحزن الذي تدركه أيدينا وهي تتلمس طريقها في درب الحياة ودروب الغياب..
شفني حزين الملامح قرب وشفني
لعل قلبك يلين وتثني أرحاله
الحزن فلتر الاحاسيس الذي يصل الى كل الاماكن والزوايا من قلوب المحبين.. أول احساس لنا وأول ظن يظن على طريقنا نحو الحياة.. كل الاحاسيس تشيخ جميعها تذبل وتضمحل إلى أقصى حد.. جميعها تملك وسائل تعبير الا الحزن فهو واضح مكشوف غير موارب لا يحمل أقنعة كثيرة..
بل لا يحمل الا قناعه الخاص .. الدمع صوته.. والغصه طابعه.. أكثرالذين كتبوا تواريخ الحب والحياه كانوا الأكثر حزنا وشفافية.. كل المشاعر تحتاج طاقات خاصة واقنعة مميزة الا الحزن.. كل المشاعر تحتاج مشاعر اضافية الا الحزن.. الفرح له تعابيره الكثيرة واشكال عده أما الحزن فهو واضح وصريح ومباشر لا يدخل دوائر تأويل ولا حقول الظن..
لا الحــال طيب ولا حزنك مثلي حزين
مادمت أشوفك معي في باقي أحزاني
هناك اشخاص حزينين ملأهم الحزن وتركهم في ظنهم غارقون .. مالذي ترك بصمته على مختلف التأويلات ؟ .. في الحزن نكون أكثر صدقا من أي احساس أخر نكذب احيانا في الفرح نكذب في كل شي الا الحزن ففيه نكون صادقين مباشرين مواربة ولا دخول في خندق النوايا..
ليت حزني مثل حزن البشر وأكتبه
ليت دمعي مثل دمع العيون ويسيل
والحب مثل كل المشاعر الصادقة يحتاج تعبيرات خاصة ومباشرة حبره دمع القلوب.. يتخذ الشكل الواضح تاريخ الاحاسيس في الحزن .. نملك مشاعر الاخرين مالا نحتاجه في الفرح نحتاجه في الحزن مالا يأتينا في الفرح والضحكات يأتي في الحزن والدموع.. نحن سلة الشوق في ذاكرة الشعراء الذين مروا و وكلماتهم في الحب والعشق والحزن الى صحاري قصيه تركوا قصيدتهم تلهث في الوقت وتجري في ممرات التاريخ .. كان حزنهم أكثر صدقا وقوة..
صدري درا ليلة الذكرى تبكيني
وأنا أحسب اني صبور وصعب بكايا
لذا كان الحزن فورة بركانية لمشاعر داخلية دفينة يفيض بها الدمع ويصيغها الشعر وتكتبها سير المحبين الكبار..
والشعر كان ذاكرة المحزونين وأيام الشوق الغير مدونة الا عبر الدموع السخية .. الشعر بحد ذاته يعتبر رداء الحزن والحزن سقف الشعر .. لا يختلف الحب عن الشعر فكلاهما قوي وواضح وخفيف .. وكلاهما شفاف وجميل..